جيل شات جي بي تي
حين يسأل الجيل الذكاء الاصطناعي قبل أن يسأل نفسه
في زمنٍ
ليس ببعيد، كان السؤال يُولد من الحيرة، ويكبر مع الانتظار، ويزهر حين نُمسك بخيط
الجواب بين صفحات كتاب، أو في ملامح وجهٍ حكيم، أو في حديث مجلسٍ ساده الصمت بعد
فنجال قهوة.
أما
اليوم، فالسؤال لم يعد يحتمل ثقل الانتظار، ولا تعب البحث، ولا حتى لحظة تفكّر.
اليوم،
يُقال السؤال بصوت خافت… ويُجاب عليه بلغة باردة، منظمة، لا تتنفس، ولا تتعب، ولا
تُخطئ.
إنه
زمن شات جي بي تي.
👥 جيل يختلف في كل شيء
جيل
اليوم وُلد وفي يده شاشة، وفي جيبه إجابة.
لا
يتذكّر شكل الموسوعة، ولا نكهة الحديث المطوّل مع الكبار، ولا حتى فكرة أن
"تجهل شيئًا" لفترة.
هو جيل
يرى المعرفة على هيئة رسالة فورية… تُرسل وتُستقبل في نفس اللحظة.
يسأل:
كيف
أكتب؟
كيف
أعتذر؟
كيف أحب؟
كيف
أكون؟
ثم
يُجيبه الذكاء الاصطناعي، بصوتٍ لا يعرفه، وبمنطق لا يخصّه، وبكلمات مرتبة لا تشبه
فوضى قلبه.
🤔 هل هي راحة؟ أم فقد؟
الذي لا
يُقال كثير…
ربما وجد
هذا الجيل الراحة في هذا النوع من "المعرفة السريعة".
لكن، في
أعماقه، هل فقد شيئًا؟
هل افتقد
حيرةً ناضجة؟
هل نسي
لذة الطريق قبل الوصول؟
هل اختصر
رحلته الفكرية إلى مجرد نسخ ولصق؟
🧭 ذاكرة الأجيال… ومفارقة الزمن
في جيل
مضى، كانت الجدة تقول: "إذا ما عرفت، اسأل".
وكان
السؤال نفسه يُربّي، لا فقط الجواب.
اليوم،
صار السؤال يُكتب، ويُرسل، ويُنسى.
والجواب؟
مجرّد
كلمات لا نعرف من أين جاءت، ولا كيف نبتت، ولا من أي عقلٍ اقتُطفت.
🌱 كلمة أخيرة…
لسنا ضد
التقنية، ولسنا نشتكي الزمن.
لكننا
نُحب أن نتمهّل.
نُحب أن
نتذكّر أن الجواب أحيانًا لا يسكن الشاشة… بل يسكن القلب.
وأن
الذكاء – سواء كان صناعيًا أو بشريًا – لا يكتمل إلا إذا سبقه تأمل،
وصاحبه شك صادق، وتبعه فهمٌ من الداخل.
في
النهاية…
شات جي
بي تي قد يُجيب، لكنه لا يفهمك.
وأنت، يا
من تسأل، ليتك ترجع وتسأل نفسك أولًا:
لماذا
أبحث عن هذا الشيء الآن؟